"إِلهِي، إِلهِي، لِمَاذَا تَرَكْتَنِي؟" — صرخة ألم أم إعلان فداء؟
- Alfred Baroud الفرد بارود
- Apr 18
- 1 min read

مارونايت نيوز - من بين الكلمات السبع التي نطق بها يسوع المسيح على الصليب، تبرز هذه الصرخة التي نقلها الإنجيليان متى ومرقس، والتي حفظتها الكنيسة كمفتاح لفهم عمق سرّ الفداء:
"وَنَحْوَ السَّاعَةِ التَّاسِعَةِ صَرَخَ يَسُوعُ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ قَائِلًا: «إِيلِي، إِيلِي، لِمَا شَبَقْتَنِي؟» أَيْ: إِلهِي، إِلهِي، لِمَاذَا تَرَكْتَنِي؟" (متى ٢٧: ٤٦)"وَفِي السَّاعَةِ التَّاسِعَةِ صَرَخَ يَسُوعُ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ: «إِلُوي، إِلُوي، لَمَا شَبَقْتَنِي؟» (الَّذِي تَفْسِيرُهُ: إِلهِي، إِلهِي، لِمَاذَا تَرَكْتَنِي؟)" (مرقس ١٥: ٣٤)
قد يظنّ البعض أن هذه الصرخة تعبّر عن يأس أو شكّ، لكن الكنيسة ومعها كبار اللاهوتيين يرون فيها إعلانًا نبويًا عميقًا، إذ هي تشير الى المزمور الثاني والعشرين، وهو من أكثر المزامير التي تصوّر آلام المسيح، والذي تحقّق بالكامل في شخص يسوع.
يقول المزمور:"لأَنَّهُ قَدْ أَحَاطَتْ بِي كِلاَبٌ. جَمَاعَةٌ مِنَ الأَشْرَارِ اكْتَنَفَتْنِي. ثَقَبُوا يَدَيَّ وَرِجْلَيَّ. أُحْصِي كُلَّ عِظَامِي، وَهُمْ يَنْظُرُونَ وَيَتَفَرَّسُونَ فِيَّ. يَقْسِمُونَ ثِيَابِي بَيْنَهُمْ، وَعَلَى لِبَاسِي يَقْتَرِعُونَ." (مزمور ٢٢: ١٦–١٨)
في التقليد اليهودي، كانت تُعرف المزامير ببداياتها، ولهذا حين نطق يسوع بهذه الآية "إِلهِي، إِلهِي، لِمَاذَا تَرَكْتَنِي، بَعِيدًا عَنْ خَلاَصِي، عَنْ كَلاَمِ زَفِيرِي؟" (مز 22: 1)، أشار إلى المزمور كله. لم تكن مجرّد صرخة ألم، بل إشارة واضحة إلى أن ما يحدث هو تتميم نبوي مكتوب منذ قرون.
في هذه الصرخة نرى التقاء الوجع البشري مع عمق الرسالة الإلهية. يسوع لم يفقد ثقته بالآب، بل دخل في ملء الألم نيابة عن البشرية، وأعلن بصوته أن الفداء يتحقّق الآن، وأن النبوات قد اكتملت، وأن الخلاص قد صار واقعًا.
الفرد بارود
Comentarii